السبت، 10 فبراير 2018

أشهر رحالة عربي وصل إلى بلغاريا وحدود روسيا



في الوقت الحاضر، تحتوى أرض (روسيا) على عشرات السفارات التي تحمل 

أعلام دول عربية وإسلامية.


أما إذا عدنا إلى القرن العاشر الميلادي، سنعرف أن كل ذلك بدأ برجل، 

يدعى (أحمد بن فضلان).


من شاهد فيلم (المحارب الثالث عشر) قد يذكر الاسم جيدًا، حيث استخدمت (هوليود) شخصيته كراوي للأحداث.
كلنا نسمع عن مشاركات (عمر الشريف) في الأدوار العالمية، غير أن المرة الأولى التي أراه فيها، عندما عرض هذا الفيلم بالتحديد، لم يكن هناك يوتيوب ولا فضائيات، إذ اقتصرت نافذتنا الوحيدة هي ما تعرضه القناة الثانية الأرضية.
أذكر أنني هللت لأنادي أسرتي ببهجة طفل دون الخامسة عشرة:
ـ انظروا.. (عمر الشريف).


بدأ المشاهد الأولى بصوت (أنطونيو بانديراس) يعرف نفسه بأنه:
- أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حمّاد.
ربما هذا هو الجزء الدقيق الوحيد في الفيلم، لأن ما تلا ذلك محض مبالغات، فالرجل -في أرجح الأقوال- لم يكن بشاعر منفي من وطنه، بل بدأ كل شيء من (ألمش بن يلطوار)، ملك بلاد البلغار، الذي دان بالإسلام حديثًا، فأوفد إلى الخلفية (المقتدر بالله) في (بغداد)، يطلب بعثة دبلوماسية لو جاز لنا التعبير.
-"البعثة إليه ممَّن يفقّه في الدين، ويعرّفه شرائع الإسلام، ويبني له مسجدًا، وينصب به منبرًا ليقيم عليه الدعوة له في بلده وجميع مملكته، ويسأله بناء حصن يتحصّن فيه من الملوك المخالفين له".
هذا هو جدول الأعمال الذي اهتمت مخطوطة (بن فضلان) بتسجيله في الفقرة الأولى، بحكم أن كاتبها هو من وقع عليه اختيار الخليفة للإشراف عليه.
ضمت البعثة إلى جانبه كلا من: (سوسن الرسي) مولى (نذير الحرمي)، و(تكين التركي)، أما دليلهم فهو (عبدالله بن باشتور الخزري) الذي جاءهم برسالة ملك الصقالبة.
بخصوص المحظوظين باستقلال الطائرة لتشجيع منتخب (مصر) في كأس العالم (روسيا- 2018م)، إذا تأفف أحدكم بسبب إرهاق السفر وامتداده لساعات، أنصحه بتذكر جدنا (ابن فضلان) واستغراقه 11 شهرًا طويلة حتى يصل إلى نفس الوجهة.
في العصر الحالي، يولى المستشرقون اهتمامًا خاصًا برحلته، خصوصًا أهل شرق أوربا، حيث عانوا من فجوة معلومات فيما يخص تلك الفترة من تاريخ بلادهم، فوجدوا في مخطوطة الرحالة العربي أقدم وصف وثائقي لما ما كانت عليه -حينذاك- ملامح البشر، الزي، المأكل، معاملاتهم الاجتماعية، إلخ.
حمل (بن فضلان) شغفًا بكل التفاصيل التي تقع عيناه، كما علاوة على أن أسلوب استرساله ولغته الفصحى مفهومين حتى لقارئ معاصر مثلنا.
كل هذه العوامل جعلته مصدرًا مهما للسابقين واللاحقين.

- في الشرق:
أخرج السوري (نجدت إسماعيل أنزور) مسلسلًا دراميًا مستوحى من المخطوطة، بعنوان (سقف العالم) عرض في 2007م، بطولة:
ـ (قيس الشييخ نجيب) و(سولاف فواخرجي).

- في الغرب:
أبدع الفنان (هنري سميرادسكي) عام، لوحة فنية عن طقوس الدفن في شرق أوربا، استلهمها من الوصف الدقيق للمخطوطة.
كما استخدم (مايكل كرايتون) شخصية (بن فضلان) أساسًا لروايته (أكلة الموتى)، بعد أن أضاف تفاصيل خيالية تحكي عن انضمام الرحالة العربي إلى قبائل (الفايكنج) في أحد حروبهم، وهي التفاصيل التي بنيت عليها أحداث فيلم (المقاتل الثالث عشر).
*******

- المقال منشور على صفحات العدد الأول من سلسلة أدب الرحلات: (لأبعد مدى).
لتحميل وقراءة العدد كاملًا: اضغط (هنا).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"