الجمعة، 4 أغسطس 2017

لا ثقة المرضى، ولا الأصحاء..

كان ياما كان، خرج عدد من فنيي الأشعة، لتلقي تدريبهم العملي بالمستشفي.
لحظهم التعس، كان نوبتجي القسم -وقتها- هو.. العبد لله.
شرعت أشرح لهم بالتفصيل، أشهر الفحوص المتداولة في حالات الكسور، حتى وصلت لمفصل المرفق، فنقلت إليهم ما أعرفه بكل أمانة:
- حسبما تذكر مراجع (التصوير الإشعاعي): يستحب أن تبدأ بالتقاط المنظر الجانبي أولًا، لأنه أقل ألمًا، ثم يليه (الأمامي/ خلفي).
للمصادفة، دخل مريض مصاب في كوعه بعد دقائق، فأشرت لهم بأن يتبعونني، يراقبوا ما كيفية إجراء الفحص عمليًا.
أصابهم التعجب، عندما رأوني أقول بالعكس تمامًا، بدات بـ (الأمامي/ خلفي) أولًا، يليه الجانبي.

رأيت التساؤل يطل من أعينهم، إلا أن أحدًا منهم لم يجرؤ على السؤال في حضرة المريض.
القواعد واضحة جدًا في هذا الصدد:
- إياك أن تبدي ملحوظات على زميلك في وجود (الحالة)، لأن هذا كفيل بجعله يشك في كفاءة كلاكما، وفي هذا الجزء برمته من العملية العلاجية.
بعد أن خلا القسم من المتواجدين، سألوا:
- قلت لنا: أن المراجع تحض على البدء بـ "الجانبي"!
- نعم.
- لكننا رأيناك -بالداخل- عكست الترتيب!
- صحيح.
داهمني شعور بالملل، لأنني -حتى الآن- لا أفهم المشكلة.
نعم (المراجع قالت)، لكن.. يجب عليهم معرفة؛ أن مهنتنا بأكملها قائمة على (تقديرك الشخصي للموقف)، لا قداسة لأي (قواعد أو بروتوكلات).
ويخيل إليّ أن هذا وصلهم بطريقة عملية، قبل أن أقرر (أجيب من الآخر):
- أخبرتكم ان الكتب تحض على (كسب ثقة المريض)، أليس كذلك؟
- نعم.
- قلت لكم ذلك، لأن الأمانة تحتم علىّ تلقينكم المقررات الأكاديمية كما هي، أما بالنسبة إلىّ -كياسين- فـ ثقة المريض لا تعنيني في شيء.
-
هذا الموقف الطويل الممل، قد اضطر -من وقت للآخر- لأن أحكيه لأصدقائي في مجالات عملي الأخرى ، نظرًا لأن أغلبهم يطاردني بتلك النصيحة الدائمة، :
- عليك كسب ثقتهم، هناك الكثير من الفرص المغرية تعتمد على هذا، سواء (إقناع جهة "..." بتمويل للمشروع)، أو (ترشيحك للسفر إلى كذا).
- يا رفاق، أقدر لكم اهتمامكم، وأعلم أن هذا هو (عين الحكمة)، و(ألف باء علاقات عامة)، لكن.. حكيت تلك القصة -خصيصًا- حتى تروا عجزي عن تكييف أولويات العمل على ثقة (المرضى)، فكيف أكترث لثقة (الأصحاء)؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"