الجمعة، 24 فبراير 2017

من كتاب (نبوءات الخيال العلمي)| السفر عبر الزمن

منذ بدء الخليقة، اشتبك الإنسان قوى الطبيعة حوله، ونستطيع القول –مجملًا- أن التوفيق حالفه في دحر حاجز المكان، فرأينا كيف تسلح بالخيال قبل العلم، ليتمكن من الصعود إلى القمر، وبلوغ أعمق الأعماق.  تبقى -فقط- الحاجز الرابع العنيد، والذي يمكن القول أنه لا يقهر.. الزمن.
ويبدو أنه على قدر استعصاء الخصم، بقدر زيادة ما يُحاك من هالة قصص وروايات وأفلام.
فيعد (السفر عبر الزمن) الفكرة الأكثر شيوعًا، والتي يتعذر على أي كاتب خيال علمي الإفلات من شباكها.
إذا نزلت أي مكتبة عامة، وسألت روادها عن أقدم عمل يعرفونه حول (سفر الزمن)، ستنحصر الإجابات غالبًا في رائعة (هربرت جورج ويلز)؛ (آلة الزمن).
في حين سبقتها تجارب ليست بالقليلة، أقدمها يعود إلى400 عام قبل الميلاد؛ حيث وردت الثيمة كأحد خيوط الملحمة الهندية (المهابهارتا)، تلاها في العصر الحديث؛ كتاب (مذكرات القرن العشرين) عام 1733م، بقلم القس (صمويل مادون) الملقَّب بـ"The  Premium" ، تخيل مادون أن الترحال عبر الزمن مهمة أطهر من أن يقوم بها بشر، فجعل من بطل قصته ملاك يرجع إلى الماضي ليسلم السفراء البريطانيين أوراق تصف أوضاع الغد، بالتحديد، سنتيّ 1997-1998.
حتى الانجليزي الشهير (تشالز ديكنز) أدلى بدلوه في عام 1843م، فكتب (أغنية عيد الميلاد)، ثم سار في ركابه الأمريكي الشهير أيضًا (مارك توين)، برواية تحمل اسم (يانكي من كوناكيتيكت في حاشية الملك آرثر)، ربما يلخص العنوان –وحده- موضوع القصة.
جميع الأعمال السابقة اتسمت  تناولت سفر الزمن بشكل أسطوري أو خوارقي، فلم يأخذ الموضوع شكلًا علميًا جادًا إلا عام 1881م بظهور شيخ المستبصرين (بيج ميتشيل)، وقصته (الساعة التي تعود إلى الوراء).
انتقلت عدوى الجدية إلى فرنسا عام 1883م، ليلتزم بها (أوجين موتون) في قصته L'historioscope، ثم جاء العام المميز 1895م، الذي اختلفت بسببه شهرة (سفر الزمن) قبله، عما بعده، ففي ذاك التاريخ صدرت الرواية الفارقة (آلة الزمن).
من منا لم يحجز تذكرة على تلك الرحلة، من منا لم تُكئبه رؤية (ويلز) المقبضة لمستقبل البشر، حيث ينقسموا إلى:
الإيلوى؛ الجنس المرفه الناعم الذى يمرح تحت الشمس، ويحيا حياة الأطفال، أبرزهم (وينا)، الفتاة الرقيقة الواهنة التي تتعلق بعنق مسافر الزمن، وتدس الورود في جيبه أغلب الوقت.
والمورلوك؛ طبقة العمال الذين تشوهت إنسانيتهم، فيعيشون تحت الأرض، ولا يخرجون منها إلا لصيد طعامهم، طعامهم المتجسد في لحم نظرائهم (الإيلوى).
لا زلت حتى الآن عاجزًا عن التحديد؛ من منهما أولى بالتعاطف، ومن يجدر بنا كرهه؟!
هل أشمئز من الإيلوى باعتباره جنس تافه فارغ العقل، أم أتعاطف معه لكونه الفريسة؟!
والمورلوك؟ الطبقة الكادحة التي طالما تم استعبادها، فهل هذا مبرر كاف للتشوه، والاقتيات من أجساد أسيادهم السابقين؟
اتخذت القصة طريقها إلى الشاشة بأكثر من معالجة، أولهم عام 1960م من إخراج (جورج بول)، بينما آخرهم عام 2002م، وجاء بنكهة عائلية هذه المرة، حيث أخرجه (سيمون هـ جـ ويلز)، حفيد الكاتب العظيم.
ما لا يعرفه الكثيرين، أنه بعد قرن كامل من صدور (آلة الزمن)، حصل (ستيفن باكسر) على إذن من ورثة (ويلز)، وأصدر جزء تال من الرواية بعنوان (سفن الزمنTime Ships ).
مثل هذه الخطوة تثير التوجس لدى أغلبنا، خشية تشويه الملحمة الأصلية، فهل نطمئن قليلًا لو علمنا مدى الإشادة بجرأة (باكسر)؟ بدليل حصول روايته اثنين من أرفع التكريمات في عالم الخيال العلمي، جائزتي (جون كامبل) و(فيليب ديك).
يوجد أيضًا نقطة تحول هامة لا يمكن أن نغفلها، فالعظيم (إيزاك أسيموف)، لم يرد للأوراق أن تتطاير قبل يودع عليها بصمته، فمنحنا عام 1955م درته الخلابة (نهاية الأبد)، التي تحكي عن منظمة لمسافري الزمن، تستهدف الضبط والتغيير المستمر للتاريخ نحو الأفضل.
بطل الرواية هو عضو المنظمة (أندرو هارلان)، الذي انتهك قانونهم الداخلي، بأن.. وقع في الحب.
*********
تأخر الطفل في الكلام لدرجة أقلقت والديه، مما دعاهم لاستشارة طبيب في هذه المشكلة.
لاحقًا، كبر الصبي وارتدى زى المدرسة، فأثار سخط معلميه بسبب طريقته اللامبالية وكراهيته للتعلم القائم على الحفظ والتلقين.
قالها أحد المدرسين صراحة:
- لن تصل إلى شيء يا (أينشتاين).
عام 1921 صعد (أينشاين) منصة الكريم في السويد، ليتلقى جائزة نوبل في الفيزياء.
رحلة طويلة لرجل غير نظرتنا إلى الأبد إلى العلم، والحياة، و... الزمن.

***********

"بدون أينشتاين، ما كان كثير من الشباب الذين صاروا علماء بعد عام 1920م ليسمعوا بوجود علم كمجال عمل".
كارل ساجان

***********

من كتاب (نبوءات الخيال العلمي).. للتحميل من (هنا).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

"